تحليل

خسائر بالجملة.. العنصرية تنهش في تونس بفعل خطابات قيس سعيد

تعيش تونس، خلال الأيام القليلة الماضية، على وقع أزمة اجتماعية مريرة، على خلفية الانتهاكات المتكررة التي يتعرض لها المهاجرين الأفارقة، آخرها الهجوم الذي نفذه مجموعة من الشبان خلال الليلة الفاصلة بين 20 و21 ماي الجاري ونتج عنه وفاة مهاجر وإصابة 4 آخرين بجروح بليغة، وهو ما وصفته المنظمات المدنية بالعمل الإجرا٥ــي ، وحملت السلطة الانقلابية المسؤولية كاملة بسبب خطابها العنصري، كما اتهمتها بالسعي للتعتيم على الحادثة الإجرامية ومصادرة الهواتف التي وثقت الاعتداء.

البداية من تصريحات سعيد التي أدلى بها في أحد اجتماعاته بتاريخ 21 فيفري الماضي، حين استخدم خطابا شديد اللهجة فيما يتعلق بـ”جحافل المهاجرين غير النظاميين” القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، مشددا على أن الأمر يتعلق بمخطط إجرامي تم إعداده منذ مطلع هذا القرن لتغيير التركيبة الديمغرافية لتونس، بهدف تحويلها إلى دولة أفريقية فقط، مشدّدا على “ضرورة وضع حد سريعا” لهذه الهجرة.

الخطاب الكارثي أثار الخوف الأفريقي والدولي أيضاً، ووضع تونس في ورطة حقيقية لا أحد يعلم كيف سيكون الخروج منها ومسح آثارها الكثيرة، بعد أن وصل إلي مسامع الجميع وقوبل بردات فعل وشجب متكرر على المستوى الدولي، أبرزها ما صدر عن الاتحاد الأفريقي الذي استنكر تصريحات قائد الانقلاب، الموجهة للمهاجرين في بلاده من أماكن أخرى في أفريقيا، وحذر من خطاب الكراهية العنصري الذي يمكن أن يسبب أذى للمهاجرين.

وليس بغريب على رأس النظام الذي يحاول الهروب من مشاكله السياسية وفشله في حل المشاكل الاقتصادية وتوفير حتى المواد الأساسية للمواطنين بهدف إشغال الناس بقضايا أخرى، ولكن تصريحاته الأخيرة هي بمثابة تبن واضح لكراهية الأجانب، وقد تركت بالفعل تداعيات كارثية على العلاقات الاجتماعية، فالمخاوف تواترت من كونها وسيلة لتبرير القمع والقتل على غرار ما يقوم به اليمين المتطرف في الدول الغربية، فقد حدث ما خشاه التونسيون وتحول الزمر من مجرد خطاب إلى أزمة لا نعلم مداها ولا تبعاتها، فقط بسبب تصريحات غير مسؤولة ناتجة عن انقلابي أخرق يهدف لإغراق ما تبقى من سفينة البلاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *