سعيد والقضاء.. إما تجريم المعارضين أو الانضمام إليهم!
ارتفعت في الأشهر الأخيرة وتيرة المحاكمات السياسية لكل من تعتبرهم السلطة الانقلابية منخرطين في المعارضة لسياساتها أو حتى مستنكرين لممارساتها التعسفية بحق من سبقوهم إلى السجون وساحات المحاكمة، وهو نهج تسير فيه سلطة الأمر الواقع الحالمة بحلول اليوم الذي ستزج فيه بآخر اسم معارض، وتنطلق في عبثها المعتاد دون أي تنديد أو لوم.. لكن هيهات.
لم تكن السلطة الانقلابية لتصل إلى تلك المرحلة دون السيطرة على السلطة القضائية وإقحامها في صراع بالوكالة بعد أن كانت ملاذا آمنا للمظلومين وسلطة مستقلة بذاتها ونائية عن كل الصراعات الدائرة.. وهو ما يعيدنا بدوره إلى انتهاك آخر قامت به سلطة الانقلاب قبل عام، عندما أصدرت قرار حل المجلس الأعلى للقضاء ليدفع ضريبة التمسك باستقلال القضاء عن السلطة.
ومنذ ذلك الحين تغير المشهد ومضى رأس السلطة في حملة قمعية جديدة، فإلى جانب حملته الرئيسية ضد المعارضة بدأ حملة أخرى ضد القضاة المتمسكين باستقلاليتهم، بداية من إصداره المرسوم القاضي بعزل 57 قاضيا، وصولا إلى التصريحات المتكررة التي تضمّنت تدخلًا مباشرًا في سير المؤسسة العدلية، على غرار تصريحه خلال لقائه وزير الداخلية السابق، حين قال “أن من سيبرّئ المتهمين هو شريك لهم”، فضلا عن شهادات عدد من المقربين من بعض القضاة، الذين أكدوا أن القضاة أحيانا يبكون ويبررون انصياعهم للتعليمات بأنهم إن “لم يودعوا المتهمين في السجن، فهم من سيودعون في السجن”.