سعيد وعشرية الديمقراطية.. عندما يقفز الشيء على إنجازات نقيضه!
توصف العشرية الماضية في تونس في أوساط الثورة المضادة بأنها “عشرية سوداء” وهو ما آمن به قائد الانقلاب وبنى عليه انقلابه من الأساس، وقال ذلك بشكل صريح قبل عام، خلال كلمته التي ألقاها على هامش تصويته في الاستفتاء على دستور انقلاب 25 جويلية، حين وصف سنوات ما بعد الثورة التونسية بأنها “عشرية سوداء” ووصف معارضيه بأنهم “ليسوا من الشعب وليسوا من الوطن وأنهم خانوا الوطن وباعوه وارتهنوا إرادته لأطراف خارجية”.
وتشارف تونس على إتمام عامين من العزلة الداخلية والخارجية للسلطة، والتردي الاقتصادي غير المسبوق، والديكتاتورية المقيتة والقمع الشامل لكل الحريات وخرق الدستور وكل ما تستطيع العقول تخيله من السلبيات أو مضادات الديمقراطية.. في المقابل عاشت البلاد خلال العشرية الماضية “الحرية بكل تفاصيلها ووضعت دستورا بكل شفافية واختفت ممارسات القمع وتشارك السياسيون في الحكم وتعاقبوا عليه ولم ترى البلاد أي من دلالات الديكتاتورية”.
أما بالنسبة للانجازات في عهد الانقلاب، فحدث ولا حرج.. فالتونسيون يبحرون في الأزمات ويقتربون شيئا فشيئا من الاختناق.. يبحثون كل يوم عن ذرة إنجاز لتلك السلطة الانقلابية، فلا يجدوا سوى العبث.. في المقابل هنالك عديد الإنجازات التي خلفتها عشرية الديمقراطية التي ساهمت في وضع تونس بمكانة كبيرة ومثالا يحتذى به للديمقراطيات الناشئة على مستوى العالم.
وضع حمل إنجازات كبيرة لا تستطع السلطة الشعبوية الوصول إليها أو لا تسمح بها في الأساس، فتوجهت لاقتباس بعض من تلك الإنجازات، أو بالأحرى سرقتها، على غرار مشروع الطريق السيارة الذي يربط بين قابس – رأس جدير، ويمتد على طول 176 كلم.. مشروع تمت مناقشته في أروقة برلمان 2019 الشرعي الذي لطالما طعن فيه سعيد ورذل نوابه وقام بملاحقتهم وقمعهم وقام باعتقالهم في قضايا فارغة وبتهم مزيفة، لكنه انتقل الآن لمرحلة القفز على تلك الانجازات ونسبها لنفسه، وسيفشل في ذلك أيضا كما عهدناه دائما.