تحليل

100 يوم على انطلاق حملة الاعتقالات ضد المعارضة.. ماذا استفادت تونس؟!

يصادف اليوم ذكرى مرور 100 يوم على انطلاق حملة “اعتقالات فيفري” التي شنتها سلطة الانقلاب ضد قيادات المعارضة من مختلف الأطياف، تحت بندين.. الأول هو اغتنام أكثر الفرص المتاحة للتغطية على فشل السلطة في مواجهة الأزمة المالية الاقتصادية وعجزها عن إيقاف تداعياتها السياسية والاجتماعية، أما الثاني فهو تلجيم الأصوات المنددة بالممارسات العبثية لرأس السلطة وسياساته الشعبوية.

ومن المؤكد أيضا، أن الاعتقالات جاءت كرد فعل أساسي على تحركات الشارع المستمرة، فما كان من قائد الانقلاب إلا أن يجد طريقة لمنع رموز المعارضة من الالتحاق بالاحتجاجات السياسية والاجتماعية، حتى يتسنى له مواصلة الانفراد بتسيير الدولة دون صخب أو إزعاج، فقد وجد في الاعتقالات “عصا موسى” مزدوجة التأثير.. للتغطية والإلهاء من جهة.. كما أنها مقدمة مثالية لمسلسل تصفية المعارضين الذي انطلق فيه دون النظر لأدلة أو قرائن أو حتى تفاصيل القضايا.

بعد أشهر من البحث، لم يجد قيس سعيد حجة قوية قضائية لإدانة المعارضين ونخص بالذكر قيادات حركة النهضة، الذين تعرضوا للاستهداف والتشويه علي مدار عقد من الزمان، فقام الانقلابي بتحضير خطة بديلة ولم يضع أي مقاييس أو حدود للتهم أو المتهمين.. فقد شملت القضايا جميع الرموز المعارضة ولفقت لهم تهم سياسية واهية، خطة جعلت المعارضين بمثابة القربان الذي قدمه سعيد لأنصاره الذين تلاشوا مع أول امتحان انتخابي،  ليقرر المضي في مسار الكذب والهروب إلى الأمام، كعادته.

100 يوم على الاعتقالات: الأزمة تعمقت والمؤشرات زادت سلبية

وها هي قد مرت مئة يوم بالتمام والكمال ولم تقد حملة الاعتقالات إلى تحسن في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، بل تعمقت الأزمة، دون ملامح انفراج.. جميع المؤشرات زادت سلبية،كما تبخرت جميع الوعود التي قدمها قيس سعيد بداية من اعتلائه سدة الحكم في العام 2019، مرورا بالوعود التي تخللت إعلاني الانقلاب وخارطة الطريق، وصولا إلى إقرار دستوره وبرلمانه.. فكما هو الحال مستمر في التدهور منذ عام وعامين، لم تتغير وجهة البلاد المتأزمة ولم تشهد أي تحسن ولو طفيف.

فالنتيجة والمحصلة بعد 100 يوم من اعتقال سلطة الأمر الواقع لقيادات الحركة السياسية هي نتيجة سلبية على جميع المستويات، فقد زادت عزلة تونس على المستويين الإقليمي والدولي مع عقوبات دولية طور التحضير أو أخري غير معلنة، وفي وضع سياسي معقد منع النظام من تحقيق الاستقرار السياسي الذي يتمناه لتأسيس مشروعه، ومازالت الأزمات الاقتصادية والاجتماعية متواصلة، ولا زال المناخ العام السياسي متشنج.. القطيعة احتدت والحريات تراجعت وجميع المؤشرات إما منهارة أو متلونة باللون الأحمر وتنذر بانقسام مخيف يهدد السلم الأهلي”.

هذا ما استفادته تونس من اعتقالات فيفري التي تستمر حتى اللحظة، بل تتوسع بملفات جديدة، في ظل تردد السلطة وارتباكها المتواصل من خطابات المجتمع الدولي والمؤسسات المالية العالمية، ما تسبب في تحول الاعتقالات إلى عبء سياسي وحقوقي في الداخل والخارج، وحتى إن صمدت السلطة لبعض الوقت، فإنها سترضخ أمام الضغوطات مهما طال الوقت أو قصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *