قال الإعلامي البريطاني في قناة “بي بي سي” البريطانية مايك تومسون: “إن تونس أمام خيارين، إما أن تتجه نحو إعادة دولة الاستبداد وحكم الفرد، أو أن ينجح الديمقراطيون في إعادتها إلى سكة الديمقراطية التي كانت جوهر ثورة أواخر العام 2010 بداية العام 2011”.
جاء ذلك في تقرير مطول أعده مايك تومسون من تونس خصيصا لقناة “بي بي سي” البريطانية الناطقة بالإنجليزية في نشرة أخبار أول من أمس السبت، عن واقع تونس بعد عامين من استفراد الرئيس قيس سعيد بالسلطة.
بدأ التقرير باستعادة الأسباب الرئيسية لقيام الثورة التونسية أواخر العام 2010، والتي كانت في جوهرها اجتماعية، لخصتها أغنية الراب “رئيس البلاد”، التي كان قد أداها فنان الراب التونسي الجنرال حمادة بن عمر، والتي تتحدث بكثافة فنية عالية عن واقع الظلم والحيف الاجتماعي الذي عانى منه التونسيون..
وقد تم اعتقال صاحب الأغنية قبل أن يتم إطلاق سراحه مع التطورات المتسارعة التي شهدها الواقع التونسي ونجاح الثورة في إنهاء حكم الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، بعد 23 عاما من الحكم.
وفي مقارنة لافتة، انطلق الإعلامي البريطاني مايك تومسون في قراءة المشهد التونسي الراهن، من مقر حركة النهضة، وقال إنه تم إغلاق مقر أكبر حزب سياسي في البلاد وتم اعتقال زعيمه، إلى جانب العديد من القيادات السياسية ونشطاء المجتمع المدني.
وأشار إلى اعتقال الناشطة والقيادية في جبهة الخلاص الوطني شيماء عيسى، فقط لأنها أعجبت بتدوينتين على وسائل التواصل الاجتماعي ينتقدان حكم قيس سعيد..
وتحدث إلى شقيقة شيماء عيسى، التي أعربت عن صدمة العائلة جميعها لقرار اعتقال شيماء، لا سيما ابنها المقيم في العاصمة الفرنسية باريس.
في عهد قيس سعيد تم إغلاق مقر أكبر حزب سياسي، واعتقال زعيمه، واعتقال عدد من السياسيين والنشطاء الحقوقيين والمعارضين..
وذكر تومسون، وهو في طريقه إلى مقر إذاعة “موزاييك أف أم” المحلية، أن الأمن التونسي الذي خصص سيارة لمتابعتهم أينما حلوا دائم السؤال عنهم وعن اتجاهاتهم اليومية..
وقال تومسون: “الأمن يراقبنا أينما ذهبنا، ويسأل عن اتجاهنا إلى أين… وهو الآن يسير خلفنا”، ومضى يتحدث عن “موزاييك أف أم”: “موزاييك ليست فقط واحدة من أهم الإذاعات المحلية في تونس شعبية، بل من أهم الإذاعات انتقادا لحكم قيس سعيد”.
وتحدث في التقرير الإعلامي المعروف في قناة “موازاييك أف أم” هيثم مكي، عن واقع الحريات الإعلامية الذي يضيق، وعن اتجاه قيادة البلاد إلى جعل تونس دولة فاشلة..
ولم يغفل التقرير الإشارة إلى الجدل الذي أثارته تصريحات قيس سعيد بشأن اللاجئين الأفارقة، الذي قال إنه خلف آثارا سيئة على حياة الأفارقة في تونس، والضغوط الأوروبية التي منحت تونس أكثر من 100 مليون يورو من أجل استضافة اللاجئين ومنعهم من الوصول إلى القارة الأوروبية.
وأنهى تومسون تقريره المطول، عن الواقع الاجتماعي الذي يعيشه التونسيون حاليا، والذي قال عدد من التونسيين الذين استجوابهم، إنه يسير من سيئ إلى أسوأ، وإن كثيرا من التونسيين الآن لا يملكون قوت يومهم، ولا يستطيعون اقتناء الدواء بسبب الغلاء غير المسبوق في الأسعار..
وأنهى تقريره قائلا: “التونسيون اليوم أمام خيارين.. إما القبول بالاستبداد مجددا أو العودة إلى المسار الديمقراطي”..
وكان قيس سعيد، قد أعلن في الذكرى الثانية للانقـ ـلاب، والذي تزامن مع الاحتفال بعيد الجمهورية الـ 66، أنه ماضٍ قدمًا إلى أن تنصلح الأوضاع في البلاد، مشددًا على أنه “لا رجوع إلى الوراء”.
وقال سعيد في كلمة له خلال زيارة أجراها لمنطقة السيجومي بتونس العاصمة: “نحن ماضون قدما ولا تراجع إلى الوراء”، في إشارة إلى ما قبل تاريخ إجراءاته الاستثنائية.
وأظهر الفيديو شكاوى العديد من المواطنين من انقطاع الماء والكهرباء ونقص الخبز، وردًا على ذلك، أكد سعيد أن “هناك متابعة دقيقة لهذه المشاكل في كامل مناطق البلاد”.
وتعاني تونس من مشاكل انقطاع المياه بسبب حالة الجفاف، إضافة إلى انقطاع الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة والاستهلاك المفرط للتيار الكهربائي.
ومنذ عام 2021، تراجع إنتاج الحبوب في تونس لأسباب مناخية، وانتقلت تداعياته بعد أشهر قليلة إلى الأسواق المحلية، من حيث عدم توفر كميات مطمئنة من القمح المستخدم في إنتاج الخبز.